26 أغسطس 2013


العرب وجهة نظر يابانيةالعرب وجهة نظر يابانية by Nobuaki Notohara
My rating: 4 of 5 stars

الكتاب يقع في 140 صفحة ينقل من خلالها نوتوهارا إنطباعاته عن الحضارة العربية و سلوك العرب من خلال تجربته في العالم العربي حيث كان متنقلا بين مصر الشام ، البادية متحدثا عن مشاهداته مقارنا إياها في كل مرة بالتجربة اليابانية
وجدت الكتاب ثري جدا يتناول موضوعات عدة ،و كأنه يمنحنا صورة من الخارج و إندهشت لقدرة الكاتب في تحليل الواقع العربي و هو القادم من أدنى الشرق حيث كل شيئ مختلف عنا تاريخا و حضارة و ثقافة و أديان، وإن كان به العديد من الإنتقادات اللاذعة للعرب إلا أننا لا يمكن أن ننكر ما قدمه من تحليل للمجتمعاتنا العربية و لسلوك الفرد العربي و الذي عادة ما نحاول في الكثير من المرات تجاهله و إخفاؤية أهم ما تعرض له الكاتب مختصرة في النقاط التالية:

1/- تحدث عن غياب إنسانيّة المواطن العربي. فالمجتمعات العربية تفتقر إلى العدالة الاجتماعيّة، “المبدأ الأساسي الذي يعتمد عليه النّاس” ممّا يعني غياب سيادة القانون وحقوق الإنسان، والدّيمقراطيّة، غياب الإعلام المستقل فالإعلام لدى المجتمعات العربية تابعا للأنظمة الحاكمة بشكل أو بآخر
انعدام استقلاليّة الفرد،غياب الثقة عن العلاقات الإجتماعية التي حل محلها مبدأ المنفعة المتبادلة وسيادة القمع،، فالدّين حصري ولا يقبل المساومات، الحاكم واحد ولا يقبل التغيير بسهولة، القيم ثابتة ولا تتطوّر… الخ ولكي ننجو من هذه المساوئ التي لا حصر لها، يقترح الكاتب، أن نقوم بعملية نقد للذّات، نعي من خلالها أخطاءنا ونحاول إصلاحها قبل فوات الأوان.

2/- “علاقة الأنا بالآخر” ويعني بالآخر المجتمعات و ليس الأفراد و ينطلق من مقولة لدى المفكريين اليابانيين "الأنا يعتبر الأخر بيئة فيزيقية فقط، ولا يعتبر وجوداً موضوعياً حياً مثله" حيث أعتبر الكاتب أن بذرة الإختلافات العميقة في مجتمعاتنا هي تغيب الآخر و إعتبار وجوده مشكلة لا تحل إلا بالقضاء عليه بل و إزالته تماما على الرغم من أن التجاوب مع الآخر و التعاطي معه تتجلى فيه أبسط معاني الدّيمقراطيّة \ والتعدديّة الفكريّة و لعل الصورة التي يتضح فيها تغييب الاخر بشكل كبير المجتمعات الإسلامية التي لا تعترف بوجود المسيحي و اليهودي و تسعى إلى تكفيره ليقترح نوبوأكي على العرب أن نمنح الآخر فرصة معنا و ان نسمح له ممارسة الحق في أن يكون مختلفاً عنّا كحل لجميع مشاكلنا الداخلية و الخارجية .

3/-تحدث الكاتب عن غياب الحريّة و غياب الديمقراطية في المجتمعات العربية ليحل محلها القمع، الخوف، وعدم الإحساس بالمسؤوليّة بشكل كبير لدى المواطنين و يتجلى ذلك في سلوكهم من رشوة ،سرقة ،إعتداءات على بعضهم البعض و حتى على الأجانب ،تخريب المنشآت العامة و حرقها و هذه الأفعال في مجملها تعبيرا على ما يتعرضون له من القمع و التسلط الحكومي و قد عاش نوبوأكي الكثير من التجارب التي تترجم الواقع المزري الذي يعيشه العربي في حين أن الياباني لا ترهبه سلطة و لا يخاف من التعبير عن رأيه بحرية فكل ما يشغله الخوف من الزلازل و غضب الطبيعة“عندنا في اليابان نقول عندما لا نستطيع أن نتكلم بحرية: عندما أفتح فمي فإن هواء الخريف ينقل البرد إلى شفتي"
4/-صورة النمط الواحد يرى الكاتب بأن "المجتمع العربي مشغول بفكرة النمط الواحد على غرار الحاكم الواحد، والقيمة الواحدة والدين الواحد وهكذا... ولذلك يحاول الناس ان يوحدوا اشكال ملابسهم وبيوتهم وآرائهم. وتحت هذه الظروف تذوب استقلالية الفرد، وخصوصيته واختلافه عن الأخرين."

5/- ازدواجيّة الفرد العربي :أكد نوتوهارا على ان الفرد العربي يستخدم نمطين من الشخصيّة بحسب طبيعة الموقف أو الشخص الذي يواجهه و قد ساق الكثير من الأمثلة من خلال مشاهداته بكثير التي رآها معربا عن أسفه لغياب الثقة في العلاقات الإجتماعية لدى العرب و هو التفسير الوحيد لحالة الازدواجية هو غياب الثقة
"إنّ الثقة لا تستورد ولكنها تنبت في النّفوس وتنمو برعاية المجتمع كله. فمتى تعتمد المجتمعات العربيّة على رباط الثقة؟” ص 64.

5/-الكرم والضّيافة العربيّة تطرق الكاتب على أخلاق الضيافة و الكرم التي شهدها لدى البدو في الشام و ريف مصر حتى و في حالة الفقر في حين أن اليابانيين يفتقرون لهذه الثقافة فـ”الضيف الياباني لا يطلب وإذا حدث وطلب فإنّه يفعل ذلك بخجل” "بيت العربي دائما مفتوح للضيافة"

6/-الأدب كوسيلة لفهم الحياة لدى العرب و نقل تاريخهم و تراثهم و معاناتهم للآخرين حيث تطرق نوتوهارا إلى القضية الفلسطينية من خلال أدب غسان كنفاني ثم إنتقل إلى إبداء رأيه في القضية الفلسطينية ليؤكد على حق الفلسطنيين في حياة كريمة بسلام .

7/- محبه نوتوهارا وولعه الشديد لحياة البادية و الصحراء فلم يخفي دهشته لعالم و شغفه بالصحراء و عن ما كتبه الأديب إبراهيم الكوني في وصف البادية ،بإعتباره إبن قبيلة “الطوارق” هذه القبيلة الممتدة في عمق الصحراء و متحدة مع عوالمها بشكل أسطوري مما جعل نوتوهارا يقوم بترجمة بعض أعمال الكوني من أجل التعريف به للقارئ الياباني.

"حكاية يرويها الطوارق “أوصى رجل عجوز وهو على فراش الموت ابنه فقال: يا بني إذا أردت أن تعيش حياة ناجحة فلا تشرب سوى الماء الطازج ولا تأكل إلا الطعام الجيد ولا تركب غير الجمل الأصيل الممتاز. فرد الابن قائلا: يا أبي! كيف يستطيع رجل فقير مثلي أن يفعل ما طلبت؟ قال الأب: تحمل العطش إلى النهاية عندئذ كل ماء يصبح طازجا ولا تأكل قبل أن يعضك الجوع بقسوة عندئذ يصبح كل الطعام شهيا، وامش إلى جوار الجمل حتى يهدك التعب فإذا ركبت أي جمل سيكون أصيلا ممتازا. ”

و لأنني إبنة الصحراء وجدت في هذه العبارة التي كتبها نوتوهارا "الصحراء مكان العقيدة بإمتياز فمن لم يجد عقيدة في أي مكان فإنه يستطيع أن يجدها في الصحراء ، حيث يملأ الله وجود المكان "
صادقة جدا فمثل هذه المشاعر أين يتحد الإنسان بالمكان و مع الله لا تحصل إلا إذا عشنا لفترة معينة عزلة الصحراء و نقاء عمقها ...
الكتاب ليس مترجم بل كتب بلغة نوتوهارا شخصيا لذلك بها الكثير من الأخطاء و الكلام المرسل في الكثير من الأسطر دون أن تكون له غاية ...أمنحه لعشقه الأدب العربي 04 نجوم ...



View all my reviews

ليست هناك تعليقات: